LAH in the Media

روزيت فاضل

٢٥ حزيران ٢٠١٤

تستمر الهيئة اللبنانية للتاريخ في صياغة مبادىء علمية لتعليم التاريخ وتعلمه. هذه الـ”بنى” التي تصبو إليها الهيئة في مجتمعنا قد تكون الخيار الأمثل للجيل الناشىء لأخذ العبر وفهم الحوادث واستيعابها بفكر نقدي غير مسيّس لمصلحة الفرد نفسه والمجتمع والمستقبل.

التقت “النهار” رئيسة الهيئة الدكتورة مهى شعيب ونائبة الرئيسة وأمينة سر الهيئة نايلة حمادة للوقوف عند النشاطات التي تخدم هذا المنحى في تعليم المادة والتشبيك الذي تسهر عليه الهيئة لتبادل الخبرات مع الآخر.
شددت شعيب على أن ” هم الهيئة الأساسي هو تعليم التاريخ في لبنان والإضاءة عليه كمجال علمي مستقل في ذاته ومشاركة التجارب الأخرى التي تعنى بتطوير التفكير التاريخي النقدي عند التلامذة اللبنانيين أي تغيير طرائق التعليم والتي تبدأ مع المعلمين”.
في المقابل تناولت حمادة التفاصيل، فذكرت أنه “بقدرة قادر أصدرت السلطات اللبنانية كتاب تاريخ موحد” مشيرة إلى أننا “نتساءل كيف يمكن للمعلمين أن يعتمدوا الطرائق الحديثة لتعليم التاريخ إذا لم يتدربوا عليها مسبقاً”. وقالت:” نحاول تدريب مجموعات من معلمي الرسمي والخاص على مقاربة تعليم التاريخ بطريقة جديدة من خلال الإبتعاد من السرد أو تهميش التفكير التاريخي والنقدي”. برأيها، “التاريخ ليس قصة وليس رواية. إذا قاربنا نصاً تاريخياً يجب إعتماد عناصر معينة لنتمكن من تحليل النص بطريقة مختلفة عن النص الأدبي. علينا البحث عن براهين ورابطات مع مستندات تاريخية أخرى ونصوص ووثائق وصور ومعالم أثرية وغير ذلك…علينا أن ندرك كيف نستخدم هذا النص للوصول إلى إستنتاجات وإتخاذ موقف”!

التلميذ مؤرخ صغير
وبالنسبة الى حمادة، فقد “وضعنا برنامجاً استراتيجياً لثلاث سنوات من ٢٠١٤ إلى ٢٠١٧، وباشرنا في تطبيقه من خلال ورش عمل وسلسلة برامج لتدريب المعلمين على التفكير التاريخي من خلال طرائق تعليمية جديدة تضع التلميذ في محور العملية التعليمية، بحيث يشارك في تكوين فهم التاريخ وقادر على التحليل وإتخاذ مواقف. أضافت: أننا “نتطلع إلى إدخال طرائق جديدة لتعليم التاريخ كمحاولة لجعل التلميذ مؤرخا صغيرا”.
من جهة أخرى، شددت حمادة على “مشروع آخر له أولوية أساسية في روزنامة عمل الهيئة وهو التطوير التربوي، حيث يقدم المعلمون دروساً بناء لما تم اكتسابه في الدورات السابقة ليتشاركوا مع الزملاء في مراجعة اليوم التربوي ولينقحوا هذه الدروس وجعلها قابلة للتطبيق”.
أعلنت حمادة عن “برنامج مؤلف من سلسلة ندوات عن أزمة كتاب التاريخ”. ولفتت إلى أننا ” ندعو في هذه الندوات إختصاصيين أو مسؤولين تابعوا مسيرة كتاب التاريخ بعد إتفاق الطائف إلى اليوم، ليسترجع ما تم تحصيله والعقبات التي تواجه إعداده”. وبرأيها، “نريد أن نتطلع إلى تجارب أخرى عن النهج الذي اتبعه البعض في إعداد كتاب التاريخ بعد مرورها بفترة النزاع وما بعده وتعاملها مع المواضيع الحساسة كما الحال في دول البلقان”.
على صعيد آخر، شددت شعيب على دور الورشة الإقليمية التي نظمتها الهيئة بالتعاون مع منظمة “أوروكليو” والتي حملت عنوان “نحو نهج علمي ومسؤول في تعليم التاريخ – تمكين المعلمين لاستخدام النهج المتعدد المناظير ومفاهيم التفكير التاريخي في تعليم التاريخ”، في جامعة سيدة اللويزة”. واعتبرت أن هذه الورشة “كانت نقطة توعية في مسار الهيئة لأنه نتج عنها وللمرة الأولى نوعاً من التعاون مع ممثلي ٦ دول مشاركة في الانفتاح على تجارب الآخرين وتبادل الخبرات عن واقع تعليم مادة التاريخ في دول عدة، منها المغرب وتونس والأردن وقبرص وتركيا”. وقالت: “تعرفنا على التحديات لمواجهة تطوير تعليم التاريخ وإمكان تطويره”. ورأت أن “ثمة نقاطاً جامعة مع بعض المشاركين في تعليم التاريخ واعتماد الطرائق التقليدية وفرض رواية واحدة للحوادث واستمرار تغييب أمور عدة حساسة من المناهج وتسيس التاريخ”. واعتبرت أنه تم ” التركيز خلال الأيام الأربعة على المفاهيم التاريخية ، ومقاربة المناظير المتعددة في تعليم التاريخ، كما تضمنت مشغلاً عن تفعيل استعمال تكنولوجيا المعلومات في صفوف التاريخ”. وإعتبرت أن” الغاية الرئيسية من هذه الورشة، التشبيك والتوعية وتشجيع الدول العربية على إنشاء هيئات التاريخ التي ستحظى بدعم من منظمة “أوركليو” وصولاً إلى تعزيز الإتصالات من مركز الملك عبد الله للحوار بين الثقافات والأديان في فيينا وتوفير الدعم للقائين إضافيين في لبنان أو في إحدى الدول المشاركة لمتابعة التعاون ولدعم قيام هذه الهيئات في هذه الدول…”.
وتوقفت عند ما قدمته كريستين كاونسيل من جامعة كايمبريدج خلال الورشة والتي ركزت في كلمتها “أولاً، على المفاهيم التاريخية، وثانياً على كيفية طرح سؤال كإشكالية تاريخية بحيث ندفع المعلمين إلى التفكير والبحث والاستقصاء والتواصل الكتابي والشعبي إلى نص تاريخي علمي”. وشددت أيضاً على كيفية تشجيع التلميذ على انتقاء المصطلح بدقة وعلى التمييز بين كلمات متشابهة والذي كان له حيز من الأهمية في الورشة المذكورة”.
من جهة أخرى، رأت حمادة أن الهيئة “تطمح إلى جذب اكبر عدد من الزملاء الناشطين في هذا المجال لتصويب المسار أكثر وأكثر نحو ما يخدم مصلحة الجميع ومصلحة تعليم التعليم، لا سيما وأننا نتطلع إلى انخراط المعلمين معنا في التفكير بما هو أفضل لتطوير تعليم التاريخ”.
وتساءلت عن أسباب إغفال فصول خاصة في كتاب التاريخ، ومنها عن الشعب الأرمني أو دور المرأة منذ الإستقلال أو موضوع الأمير فخر الدين أو الإشكالية القائمة على دور فينيقيا…”.
ختاماً، أعلنت أن الهيئة “ستطلق برنامجاً للتطوير المهني لمعلمي التاريخ والذي يختار مجموعة من ١٨ من معلمي الخاص والرسمي ينتسبون إلى دورة خاصة بدعم من السفارة الهولندية لإعداد مدربين والتي تخولهم التدريب، علماً أن الهيئة ستتابع عملهم التربوي عن كثب لضمان نجاح التجربة”.